المشاركات

عقل مشوش في رحلة الحياة الوديعة

  مرحبا يا أصدقاء، أنشر هذه التدوينة في آخر أيام الشهر الفضيل، الحمد لله الذي بلغنا تمام شهر رمضان، ونحن ننعم بالصحة والعافية والرحمة. تقبل الله أعمالكم وطاعاتكم، وكل عام وأنتم بخير. كنت أكتب هذه التدوينة وأنا أفكر حول وجهة نظري عن رحلة الحياة، أظن أننا نخشى الانكشاف أمام الآخرين، في الوقت الذي يضعون فيه الكثير من التطلّعات والتوقعات علينا، نخشى ما إذا كانت حقيقتنا – كبشر لنا لحظاتنا الخاصة من الضعف والإرهاق والاحتراق النفسي – لا ترقى إلى تلك الفكرة المركونة في أذهانهم عنّا. وظللت أفكر كثيرا، لماذا تلك الفكرة المركونة هي ما يهمنّا عند الآخرين؟ وضعت حياتي أمامي على الطاولة لأفهمها، وفي كل مرة أفعل ذلك، أرى أمامي شخصا واحدا بعقل صغير، يفكر دائما في: الاقتصاد والمالية، الأدب وكتابة الشعر، الرسم والهوايات اليدوية، تعلم اللغات والثقافات الأخرى، الأساطير القديمة، موسيقى الجاز الكلاسيكية، الطبيعة الوديعة... وغيرها الكثير. ثم وجدت أن كل موضوع يأخذني إلى داخله، ففي الاقتصاد والمالية، يجب أن أقرأ الاقتصاد السياسي والاجتماعي، والرأسمالية، وإدارة الثروة والدخل. وفي الأدب والشعر، أحتاج لق...

نزهة إلى العام الجديد

مرحبًا يا أصدقاء، أرجو أن تكونو على ما يرام وأنتم تقرؤون هذه التدوينة. إذا، كان عاما حافلا، أليس كذلك؟ في كل مرة على مشارف نهاية ديسمبر، يتهافت الناس على صناعة لوحة الأهداف ( Vision board ) ووضع الخطط المفصّلة للعام الجديد، فهو أمر شائع هذه الأيام تم التروييج له كثيرًا، ويجعلني أتسائل عن مدى واقعية الأهداف التي نضعها ونطمح لها، وعن مدى جدّيتنا في تحقيق تلك الأهداف. أؤمن بشدة أن أقداركم تؤخذ من أفواهكم، وأؤمن أكثر أن على قدر سعيكم ترزقون. عندما كنت أصغر سنًا، كنت أضع الكثير من الأهداف مع خطط صارمة محددة بالوقت واليوم والتاريخ لتحقيقها. كان الأمر متعبا لدرجة أنني ظننت الحياة قاسية للغاية، وكنت في الواقع أنا من يقسو على نفسه؛ لأنني لم أفهم بعد طبيعة هذه الحياة. ولكن مع تتالي السنوات، أصبحت أدرك أن هناك ما هو أكبر من قدرتي على التحكم به، وسيظهر هذا في حياتنا دائما، وسيظل يظهر حتى نتعلم درسا مهما، وهو التسليم بما يكتبه الله لنا والعمل بناء على ما يأتي بعده. يحدث كثيرا، أن تخطط للعمل في جهة معينة، وتبذل كل جهدك لأجل الوصول إليها، بل وأنت تعلم في داخلك مدى جدارتك، لكن يشاء الله ولا تص...

البئر

 القصيدة المشاركة في الملتقى الأدبي والفني للشباب (27) بولاية صور 2024م ___________________________ البئر مِنْ هَيكلِ الأوجاعِ أخرجُ حيًّا مُتَمَدِدًا مِنْ جانبيهِ خَفيّا   صوتٌ قديمٌ ظلّ يصرخُ في دمي فتحامَلتْ كُلّ الجهاتِ عَلَيّا   كانَ المكانُ كما الزمانِ عصيّا وهُما هُما مَنْ داسَ فوقَ يديّا   ماذا أقولُ وفي الخطابِ رسالتي والصمتُ من أعطى الخطابَ دويّا   الحزنُ أيامٌ مُؤجلةٌ لِمَنْ ظنّ السعادةَ موقفًا أبديّا   هلْ في بيوتِ   الطينِ مِنْ أملٍ لِأنْ تُخْفي العواصف فخّها الضمنيّا؟   ماذا عليّ مِنَ اللغاتِ فهنّ هنّ خَذلنني، وكَسَرْنَ مِجدافيّا   قلبي وعقلي موصَدانِ بفكرةٍ فقتلتُها؛ لأُعيدَ مفتاحيّا   ما كنتُ أعرفُ كم سَمَوتُ بقوّتي لمّا تكاثَرَتِ النوائبُ فيّا   قد كانَ في قلبي الإلهُ .. وكنتُ في قلبِ الإلهِ مكرّمًا وعليّا   وَلَكُلّ جرحٍ في الأساسِ حديقةٌ لولا البكاء لظلّ فيّ عصيّا   فادخلْ لجرحكَ واغتسل مِنْ مائهِ حتى تُداوي قلبكَ الدمويّا   وأن...

وردة في البئر

وردة في البئر* مرحبا يا أصدقاء، لا أحتفل عادة بذكرى الميلاد، لكنني أردتُ اليوم أن أكتب لي أولا: كيف بدت هذه الحياة خلال السنوات الماضية، وكيف أرجو لها أن تبدو خلال السنين المقبلة. في البداية، أحب أن أعرّف نفسي غالبا بالشعر، لا بالاقتصاد والمالية: تخصصي الدراسي والمهني. خلال أيام الجامعة، كان يظن الكثيرون بأنني من كلية التربية أو الآداب، لأنني أتحدث بفصاحة، وكنت فردًا من جماعة الخليل، وجماعة الإعلام، وعضوا في فريق البودكاست الخاص بالجامعة، وكذلك أحد مقدمي فعاليات الجامعة الرسمية، كمراسم حفل التخرّج، ويوم الجامعة، وغيرها. أما بالنسبة للجانب الدراسي والمهني، كان الاقتصاد والمالية خياري منذ البداية. دائما لدي فضول تجاه المعرفة والأشياء الجديدة، وأظن بأنني أردتُ الاقتصاد، لأنني أعلم بأنه متجدد، ومستدام، وهناك الكثير ليقال ويكتب عنه. وهذا هو الحال الآن، وإلى الأبد. كان هذا أحد أسبابي أيضا لإنشاء مدونتي (موازنة) الخاصة بتطوير المحتوى الاقتصادي والمالي وتسهيله باللغة العربية. مبكرًا،   بدأتُ العمل على خلق شخصيتي والعيش في عالمي الخاص، كنتُ أتعرّفُ على الاقتصاد حتى قبل أن أتخصص فيه، أ...

ثلاثيّة الحلم

أرنو إلى البحرِ، للشطآنِ، للمدنِ أرنو إلى الكلِّ، هذا الكلُّ ينكرني   وأسألُ اللهَ عنّي، عن مسائلنا فاللهُ أقربُ من عينٍ ومن أذنِ   تذوي بنا رئةُ الأحلامِ ما انكفأتْ فجُمِّدَ العمرُ في الأحشاءِ والبدنِ   لو أن صلصالها في النار لاحترقتْ من نكبة الحربِ بين الروحِ والزمنِ   كذا مددتُ يدي في جوفها حُلُمي عادتْ إليّ كطفلٍ ضاعَ في الوطنِ ...................................................... ثُمّ التفتُ إلى ما كنتُ أحسبُهُ من بدءِ تكوينهِ قدْ مسَّهُ شغفي   كأنّ حجًا يُقامُ الآنَ في وَسَطي أنا اغتسلتُ وقلبي .. كيفَ لَمْ أَطُفِ!   وكنتُ أحسبُ ما في العمرِ مِنْ سَعَةٍ أيحسبُ العمرَ قلبٌ عاشَ في الصُدَفِ؟   لكنّ روحي تبقّتْ لي .. ولا خبرٌ عن الوصولِ إلى ما خِلتُ من هَدَفي   واللهِ لو جعلوا الأقدارَ في يدنا لاخترتُ لي قدري المكتوبَ في الصُحُفِ ...................................................... قد كنتُ أعلو .. وترديني الصَبَا قِمَمًا وكنتُ أقذفُ وجهَ الريحِ بالهممِ   ما كنتُ أُدركُ أن ...

وَحْدَك

يأتي الصباح وتتمنى لو أنه لا يأتي وصدفة تتمنى ألا تفتح عينيك.. لستَ وحدك.   "هذا الصباحُ ثقيل.. لا أستطيع حملَ نفسي، ولا احتمالها". يظل الوحش الداخلي ينهش وينهش في صبركَ، تشعر بغضب عارم من تكرار الحياة، ومَن حولك يقول لك: "صباح الخير!" لستَ وحدك.   تكتبُ كثيرا في مذكراتك عن أيامك، تعبّر عنها بأشد الصفات بؤسًا تظل تحلم بالمستقبل الذي لا يأتي، وأيام الرخاء التي لن توجد إلا في خيالك، لستَ وحدك.   تظل تقرأ، تأكل، تمشي، تتحدث مع أصحابك، تسبح، تنام... وتحتمل على مضضٍ ما حولك ومن بجوارك، مهما فعلت فأنت من يتحمّل دائما، لكنكَ لست وحدك.   تدعو الله دائما: أنجدني يا ربِّ، أنا هالكٌ لا محالة. لكنك لست الوحيد، هناك طوفان من الغرقى يصلون لله، فـتعلّم يا فتى: لستَ وحدك.   حميدة 9 فبراير 2021م

"الأيام" الأخيرة لطه حسين

لقد كتبتُ هذا النص بعد إتمامي قراءة الأجزاء الثلاثة لكتاب (الأيام) لطه حسين، وهي سيرته الذاتية التي وصف فيها شخصه بضمير الغائب. ربما كان ضمير المتكلم يعني الإبصار بالنسبة له، لذلك ستشعر حتمًا بتلك المسافة بينك وبينه. صوتٌ تعمّق في الجهاتِ وأدبرا فمضى الصدى مترددًا نحو القرى   يحيا الحياة مفتّشًا عن لونها بوداعَةِ الطفل الذي لن ينظرا   لم يمتلك عينين.. كان مصوّرًا في قلبِ من سوّاه حتى يُبصِرا   يمشي، تُطاردهُ النبوءةُ، كلما نسي الطريقَ تجاوزتهُ ليعبرا   كل الخرائطِ لم تجدْ مفتاحها كل الجهات تقولُ: حظًا أوفرا!   وجد الحياة بحقلهِ مرتابةً في نبتةٍ لم تستقم كي تُشْجِرا   هل عذرهُ أن السحابَ يخونُهُ أم تلكَ زلّتُهُ: نسى أن يشكرا   في ثورة الأشياء قد كان الذي لا ينتمي لقبيلة كي يثأرا   وليستعير من البلاغةِ نفسهُ قتل الكلامَ، فصار صمتًا أخضرا   يتأمّلُ (الأيام).. حيثُ طفولةٍ فيرى، ويدركهُا، ولكن لا يُرَى   وهو الذي من كانَ منسيًا، فلا شيءٌ عليهِ إذا أقرّ وأنكرا ...